القائمة الرئيسية

الصفحات

صلة الأرحام وأثارها فى الدنيا والأخرة


https://muslimwep1.blogspot.com
https://muslimwep1.blogspot.com


إن لصلة الأرحام أثار وفوائد وبركات فى الدنيا والأخرة فهى تعد من أفضل العبادات والقربات الى الله عزوجل ، وبها تنتشر المودة والمحبة بين البشر وبها يتماسك المجتمع وتترسخ فيه معنى الأخوة والتراحم والاعتصام والتعاون ، وقد أمرنا الله تعالى ورسوله بضرورة صلة الرحم ، وحذرنا الله تعالى من عاقبة قطع الأرحام وتوعد قاطعى الرحم بالعقاب الشديد
بسم الله الرحمن الرحيم 

إن العديد من الأسر والعائلات لا تعد سوى مجرد هياكل أسرية من السهل هدمها، نظرا للفرقة التي تسود أفرداها، وهناك عائلات أخرى تحرص على توطيد معاني الاجتماع الأسري بينهم وهو ما يجعل أفرادها أكثر تماسكاً، ويمنح كافة أعضائها فرص تبادل الخبرات والتجارب الحياتية والاجتماعية، ويشعرهم بالانتماء، ويرسخ فيهم معاني اللحمة والاعتصام والإخاء التي تعد من أبرز المعاني المثمرة من اجتماع الإخوة وصلة الرحم والأقرباء.

صلة الأرحام تعد من أجل العبادات والقربات إلى الله عز وجل وأتقاها


إن صلة الأرحام تعد من أجل العبادات والقربات إلى الله عز وجل وأتقاها، ومن أعلى الطاعات منزلة، وأعظمها أجراً وبركةً، وأعملها نفعاً في الدنيا والآخرة، فأي صلة رحم ماهي إلا حاجة فطرية وضرورة اجتماعية وحياتية تستوجبها الطفرة السليمة، وتميل نحوها الخصال القويمة، بها تنتشر المحبة ويسود الأنس والمودة، وهي دليل الكرم وعلامة المروءة، تكسب الأخوة والأفراد والأسر منعةً وعزةً وهيبة، لذا يتنافس فيها الكرام أولوا الأرحام، فيصلون إخوانهم وأخواتهم ومن قاطعهم ويقدمون لمن منعهم، ويتجاوزون عمن فيه جهلٍ، وهل للمروءة أن تتجلى إلا من خلال رحم موصولة وطاعات معمولة وحسناتٍ مبذولة وهفوات محتملة وأعذار مقبولة؟

صلة الأرحام عامة والأهل والأخوة خاصة واجتماعهم فيه تقوية للمودة وزيادة للمحبة


إن صلة الأرحام عامة والأهل والأخوة خاصة واجتماعهم فيه تقوية للمودة وزيادة للمحبة، وشدٌ لعرى القربى، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان للرحم ووصلهم، ووعد الممتثلين لأمره جل وعلى بالثواب الكبير والنعيم الوفير فقد قال: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [سورة الرعد: آية 21]. وقال أيضاً {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى} [سورة النساء: آية 36]؛ فالإسلام حريص على بناء مجتمع تملؤه الأسر المتراحمة والمتعاطفة والمتلاحمة التي تخييم عليها أسمى معاني الوحدة والمحبة، والعطاء والإخاء، والفلاح والصلاح، والسناء والبهاء. ومن إجلال الله لشأن صلة الرحم أنها قد أٌقرنت مع إفراد الله بالعبادة والصلاة والزكاة، فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله أخبرني بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ) [متفق عليه].

الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بصلة الرحم


كما قد أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مستهل قدومه إلى المدينة فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، ثَلَاثًا، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ) [رواه الترمذي].

حذر الله تعالى توعد بالعقاب لقاطعي الرحم


وفي المقابل فقد حذر الله تعالى شديد التحذير وتوعد بالعقاب لقاطعي الرحم فقال تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [سورة محمد: آية 22-23]. وبدوره فقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً من جزاء قاطع الرحم ومصيره فعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ رَحِمْ) [متفق عليه].

صلة الرحم سببٌ في تيسير الأمور في الحياة الدنيا


ولا يقف أجر تقارب الأخوة واجتماعهم وصلة الرحم بينهم وبين والديهم على الأجر والثواب في الحياة الآخرة، وإنما هي أيضاً سببٌ في تيسير الأمور في الحياة الدنيا، كما أنها تزيد من بركة الرزق وبركة العمر، وتعد سبباً فاعلاً في نشر الألفة والسعادة والتآخي بين الناس، فهي ترسي دعائم الحب في القلوب وتزيد من تواصل الناس فيما بينهم، فتغدو العلاقات أكثر ألفة ومودة، وتعزز من أصول الترابط العائلي والأسري، وبعكس ما هو متعارفٌ عليه عند الناس، فإن صلة الرحم ليست على الرجل وحدة، بل هي واجبة على المرأة أيضاً، ويجب أن تكون هذه الصلة متبادلة وأن يبادر كل شخصٍ بزيارة الآخر والاطمئنان عليه، خصوصاً زيارة الأصول من الأرحام كالأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات، علماً أن أقرب الأرحام هما الأم والأب، الذين لهم حق الصلة الأكبر والأعظم أجراً.

وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ) [رواه مسلم]؛ فالقطيعة للأرحام سببٌ للقطيعة مع الله تعالى لذا فإن لصلة الرحم شأنٌ كبيرٌ جداً، وإلا الله تعالى لما كان قد أمر بها في أكثر من آية، كما أن الله صوّر تقطيع الأرحام بأنه إفسادٌ في الأرض، لأن فيه كسرٌ للخواطر والقلوب، بعكس صلة الرحم التي تُدخل الفرح والسرو وتُعطي الشعور بالأمان والاطمئنان، ولهذا فإن الإيمان لا يكتمل إلّا بصلة الرحم، ولا يكون المؤمن مؤدياً لواجباته الدينية بشكل كامل إلا إذا كان واصلاً لرحمه، فالصلة ليست خياراً بل هي واجبٌ ديني واجتماعي وأخلاقي، ومن يبادر بها أولاً فله الأجر والثواب العظيم.

وصِلة الرحم لا تكون بتبادل الزيارات وطرق أبواب البيوت فحسب، بل تكون باستضافة الوالدين والأخوة والأقرباء في البيت أحسن استضافة وأمثل استقبال، وبتفقّد أحوالهم، وبمهاتفتهم، وبالسؤال عن أخبارهم، وبمنحهم من أموال الصدقات الزكاة، ومن خلال تمييزهم عن الآخرين من الناس وإعلاء شأنهم قدرهم بينهم؛ لأنّ القريب أحق وأولى بالصدقة والإحسان من الغريب، وكذلك من الواجب احترام وتقدير كبير العائلة والأقارب، والعطف على صغيرها، ومعاملتهم بالإحسان والمعروف، ومشاركتهم الأتراح والأفراح، وعيادة مرضاهم، والسير في جنازة متوفاهم، وتلبية دعواتهم في الفرح وما سواه، وإصلاح ذات بينهم، وعدم الحقد عليهم، والدعاء لهم بالخير والفلاح، ودعوتهم إلى دروب الإيمان والصلاح، وأمرهم بالمعروف ودرأهم عن المنكر.

من مقال للدكتور عبد الله بن معيوف الجعيد





موضوعات متعلقة:









هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق