![]() |
الهجرة النبوية دروس وعبر |
الهجرة النبوية من أعظم الأحداث على
الاطلاق، ذكرى ميلاد أول مجتمع اسلامي في التاريخ، هجرة اخرجت الاسلام من الضيق
الى السعة وحملته الى البشرية جمعاء
تتجدد ذكرى الهجرة النَّبوية
الشَّريفة كل عام لتذكِّرنا أنَّ لكلِّ زمانٍ هجرته، وأنَّ الهجرة في هذه الأيام
هي هجرةُ قلوب إلى الله سبحانه علَّام الغيوب، وهجْرٌ للمعاصي والسيئات؛ قال سيدنا
رسول الله ﷺ: «لا تَنقطعُ الهجرةُ حتَّى تَنقطِعَ التَّوبةُ، ولا تَنقطعُ
التَّوبةُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ من مغربِها». [أخرجه أبو داود وغيره]
تعريف الهجرة
تُعرّف الهجرة على أنها الخروج من
أرضٍ إلى أخرى، أما الهجرة النبوية فهي خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من
مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في عام سئمائة واثنين وعشرين للميلاد ومن الجدير بالذكر
أن الهجرة النبوية لم تكن كأيّ هجرةٍ عاديةٍ، بل كانت حدثاً عظيماً، وخطوة فاصلة
بين مرحلتين مختلفتين من الدعوة الإسلامية، وهما المرحلة المكية، والمرحلة
المدنية، ولا بُد من الإشارة إلى أن أهمية الأحداث وعظمتها تُستمد من عِظم الأشخاص
الذين قاموا بها، والمكان الذي وقعت به، وما ترتب عليها من النتائج،والهجرة
النبوية قام بها أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت في أشرف وأطهر بقاع
الأرض وهي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وترتّب عليها نتائج عظيمة غيّرت مجرى
التاريخ، وحملت بين طيّاتها معاني الصبر، والنصر، والتوكل، والإخاء، وكانت سبباً
للنصر والعزة والتمكين، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ
نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ
هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ
فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ
الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
دروس من الهجرة النبوية
1- ثبات أهل الإيمان في المواقف الحرجة:
ذلك في جواب النبي صلى الله عليه وسلم
لأبي بكر رضي الله عنه لمّا كان في الغار.
وذلك لما قال أبو بكر: والله يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موقع قدمه لأبصرنا.
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم مطمئناً له: { ما ظنّك باثنين الله ثالثهما }.
فهذا مثل من أمثلة الصدق والثبات، والثقة بالله، والإتكال عليه عند الشدائد، واليقين بأن الله لن يتخلى عنه في تلك الساعات الحرجة.
هذه حال أهل الإيمان، بخلاف أهل الكذب والنفاق؛ فهم سرعان ما يتهاونون عند المخاوف وينهارون عند الشدائد، ثم لا نجد لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً
وذلك لما قال أبو بكر: والله يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موقع قدمه لأبصرنا.
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم مطمئناً له: { ما ظنّك باثنين الله ثالثهما }.
فهذا مثل من أمثلة الصدق والثبات، والثقة بالله، والإتكال عليه عند الشدائد، واليقين بأن الله لن يتخلى عنه في تلك الساعات الحرجة.
هذه حال أهل الإيمان، بخلاف أهل الكذب والنفاق؛ فهم سرعان ما يتهاونون عند المخاوف وينهارون عند الشدائد، ثم لا نجد لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً
2- العقيدة أغلى من الوطن:
فقد خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- مهاجرين في سبيل الله، تاركين أرضهم ووطنهم، على الرغم
من محبتهم لها ورغبتهم في العيش فيها، مصداقاً لما رُوي عن عبد الله بن عدي ابن الحمراء
أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً على الحزورةِ فقال: واللَّهِ
إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ، وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، ولولا أنِّي
أُخرِجتُ منكِ ما خرجتُ)
3- حِرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على الصحبة:
أولى النبي -عليه الصلاة والسلام- مسألة الصحبة الكثير من الأهمية في
كل مراحل حياته، وكانت جزءاً لا يتجزّأ في كل خطواته، فحرص على اختيار الصحبة في
بداية الدعوة في مكة، وكان يلتقي بالوفود وبرفقته أصحابه رضي الله عنهم، ولمّا عزم
على الهجرة سأل جبريل -عليه السلام- عن الصحبة، وكان هدفه -عليه الصلاة والسلام-
من ذلك توضيح أهمية اختيار الصحبة الصالحة للأمة الإسلامية من بعده، وتأصيل قاعدة
إسلامية مفادها أن الجماعة قوة، مصداقاً لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه
قال: (علَيكُم بالجماعةِ وإيَّاكم والفُرقةَ فإنَّ الشَّيطانَ معَ الواحدِ وَهوَ
منَ الاثنَينِ أبعدُ).
4- فشل مخططات الظالمين:
بعد أن حاول كفار مكة إسكات صوت الحق بكافة
الطرق والوسائل وفشلوا في ذلك، قرّروا استخدام آخر ما في جعبتهم للتصدي لدعوة
الإسلام، حيث اجتمعوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أحاط فرسانهم
ببيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليضربوه عند خروجه ضربة رجل واحد، كان التدخل
الإلهي لإفشال مخطّطاتهم، حيث أمر الله -تعالى- النبي -عليه الصلاة والسلام-
بالخروج من منزله، فخرج -عليه الصلاة والسلام- وهو يقرأ مطلع سورة يس إلى أن وصل
إلى قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ
سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)،[ فأخذ الله
-تعالى- أبصارهم عنه، حتى أنه وضع التراب على رؤوسهم ولم يروه.
5- ضرورة الأخذ بالأسباب:
على الرغم من عظم مكانة النبي -عليه
الصلاة والسلام- عند ربه عز وجل، وتأكّده من نصرة الله -تعالى- له، وتأييده
والدفاع عنه، إلا أنه أخذ بجميع الأسباب المتاحة عندما هاجر، فقد بحث عن مكان
يختفي فيه عن الأنظار إلى حين انتهاء حملة قريش للبحث عنه، فقرّر اللجوء إلى غار
ثور، وسار في عكس اتّجاه المدينة المنورة، وكلّف رجلاً بالسير بغنمه خلفه ليُخفي آثار
الأقدام، وطلب من رجل آخر أن ينقل له أخبار قريش، واستأجر من يدلّه على الطريق،
وكلّف من يأتيه بالطعام والشراب كل يوم، ثم توكّل على الله تعالى.
6- حب أبو بكر الصديق للنبي عليه الصلاة والسلام:
ضرب أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أروع الأمثلة
في حب النبي عليه الصلاة والسلام، وتجلّت أسمى صور المحبة عندما بكى من شدة فرحته
لما علم أنه سيرافق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رحلة الهجرة، وفي الطريق
كان يمشي تارة خلف النبي عليه الصلاة والسلام، وتارة أخرى أمامه ليحميه من أي خطر
قد يتعرض له، ولما وصلوا إلى الغار سبقه إلى الداخل وقام بتنظيفه، وغيرها الكثير
من المواقف التي لا يتّسع المقام لذكرها، ولا عجب من محبة الصديق -رضي الله عنه-
لا سيّما أنه يعلم وجوب تقديم محبة رسول الله على النفس والمال والولد، مصداقاً
لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ
ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
موضوعات
متعلقة
تعليقات
إرسال تعليق